أنا والروميت(س)
الإبتعاث برنامج من
أضخم البرامج التي قدمها الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى أبنائه أبناء الوطن.
تجارب جديدة, وحياة مختلفة كلياً عن
ما إعتدنا عليه في وطننا الحبيب. في بلادنا
كُنا لا نتحمل المسؤولية المطلقة في كل تفاصيل حياتنا, فأكثرنا يعيش في بيت أهله
أو إذا كان متزوجاً في بيته مع زوجتة. الأهل دائماً أو أغلب الوقت يكونون حول
أبنائهم حتى بعد الزواج. الحياة بسيطة وغير متعبه نوعاً ما كما هي في بلاد
الإغتراب كدولة مثل أمريكا. دولة تعتمد على المال, لا تتداخل الأحاسيس والمشاعر في
عملِها. الحياة المعيشية غالية نوعاً ما, وكطالب مبتعث معتمد كلياً على المكفأة
الشهرية بمقدار 1,847.78 دولار امريكي المقدمة مِن من هم مسؤولون عنا وعن دِراستنا. بالطبع المكافأة لاتكفي لحياة مستقلة من غير الإستعانة بالأهل في
الديار, لكن كُنا نوفر مانقدِر عليه لنعيش إلى أخر الشهر حتى يحين موعد المكافأة
القادمة. من سبل التوفير أن تشارك السكن مع أشخاص أخرين لكي يشاركوك في دفع
الإيجار والكهرباء والإنترنت. أنا قدِمت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية
سنة 2010 في شهر ديسمبر بعد أن إستقلت من وظيفتي السابقة وقررت أن التحق في البعثة
الخارجية. كان هذا حلمي منذ بداية الإبتعاث سنة 2005, لكن لظروف عائلية منعتني من
الذهاب, لكن ها قد أتى الوقت أخيراً لأحقق ماحلمت به.
سأروي لكم قصتي مع ((الرومييت)) في أمريكا من
بداية وصولي إلى هذه اللحظة, كي نتعلم ونُعلم من هم قادمون بعدنا إلى هذه الغربة
هنا في أمركيا أو في بلاد الإبتعاث الأخرى
.
وصلت إلى بوسطن
الموافق20 ديسمبر 2010, وكانت خطتي أن
أقضي إجارة رأس السنة في بوسطن و نيويورك مع قريبي وبعدها أذهب إلى الولاية التي
كان من المفترض أن اعيش فيها وأبدأ دراستي الجامعية بيتسبيرغ-بنسلفينيا.
سكنت مع إبن خالتي في نفس المنزل الذي كان يسكُن فيه, وإستأجرت غرفة فيه وكلفتني
200 دولار في الأسبوع. تختلف القواعد من بيت إلى أخر, وكان لهذا البيت قواعد كُتبت
على ورقة ووضِعت أمام الباب. إختلف الحياة علُي فيه, كان علي أن أغسل ملابسي
بنفسي, وأن لا أأكل كثيراً, لأن الأكل المقدم من صاحبة المنزل مخصص لجميع النزلاء,
ولايجب أن أخذ أكثر من غيري, رغم إني أُحب الأكل كثيراً. الكلاب تملأ المكان, وكنت
أخاف من الكلاب كثيراً إلا الصغير منها, لكن هذا ليس بيتي ولا أستطيع أن اضع
قانوناً يخصني. فكل بيت وله مشرع للقوانين. حياة مختلفة بجميع المقاييس, لا املك
سيارة تقلني حيث أشاء. كان على أن أستخدم المواصلات التي تتقيد بوقت ربما لا
يناسني, فكان على تنظيم وقتي وهذا أول درس تعلمته. صاحبة المنزل كانت لاتعتنق أي
ديانة. ملحدة كما يقولون, فكانت تطول النقاشات بيننا حول أمور دينية وحياتيه, تخص
العالمين الأمريكي والعربي والفرواقات التي بينهم. كان هذا الدرس الثاني الذي
تعلمته أسلوب النقاش وعدم رمي التهم جزافاً والحوار بالمقابل للوصول إلى حل. لو
يدم جلوسي في هذا البيت طويلاً, رغم إنني أحبتته كثيراً وإعتدت عليه, لكن الرحيل
قد حان إلى بيتسبيرغ-بنسلفينيا.
وصلت إلى المدينة
التي كان مخططاً لها منذ أن كنت في الرياض, لكن لم تكن كما صُورت لي في الإنترنت
والإعلانات التجارية. كانت مدينة صغيرة لا حياة فيها, أو إنني أحببت الحياة
البوسطنية وصغُرت بيتسبيرغ في عيني.. لاأدري. وصلت إلى الجامعة بعد أن
أقلني طالب أفريقي كان مرسولاً من الجامعة خصيصاً ليأخذني إلى السكن الجامعي. وصلت
بالفعل وإستقبلني مسؤول السكن هناك وطلب مني توقيع العقد قبل أن أذهب إلى غرفتي
المكونه من سريرين وطاولتين ودورة مياة خارج الغرفة لجميع الطلاب في الممر. قرأت
العقد وأنا افكر في النوم, لأني كنت مرهقاً جداً, لكن من بنود العقد يجب علُي أن
أسكن لمدة ستت شهور بمبلغ 1200 دولار شهرياً ولا استطيع الخروج منه إلا بعد إنتهاء
المدة, أو يتوجب علي أن ادفع رسوم كسر العقد. لم تكن من ضمن خططي هذا المبلغ,
فرفضت! لم يمانع المسؤول وطلب مني الذهاب إلى الجامعة غداً صباحاً لأختبار تحديد
مستوى اللغة, وتمنى لي ليلة سعيدة وذهب. بقيت في الشارع وسط الثلوج لا مأوى لي,
حتى قدم الطالب الأفريقي وأعطاني رقم طالب سعودي. إتصلت به فقدم على الفور وأخذني
إلى بيته.قضيت الليل كله أُفكر في العودة إلى بوسطن, لأني قدِمت إلى بيتسبيرغ منذ
البداية لرخص الحياة المعيشية فيها, لكن لم تكن كما كانت توقعاتي, فقررت الرجوع.
ورجعت بالفعل بعد أن إتصلت بقريبي وقال لي إفعل ماتجده يصب في مصلحتك. رجعت إلى
بوسطن وأعطتني صاحبة المنزل مهلة أسبوع حتى أجد سكنناً أخر لقدوم مستاجر أخر كانت
قد إتفقت معه مسبقاً أن يسكن في الغرفة التي أسكنها. فبدأت أبحث عن سكن بديل, وهنا
تبدأ رحلتي مع ((الروميت))
من خلال موقع إلكتروني
شهير في أمريكا وجدت أخيراً وبعد عناء البحث غرفة في شِقه يشاركني فيها طالب من
الهند وموظف إيراني مع زوجتة كان ينام في الصالة, وكنت أنا من سيأخذ مكان الهندي(هندي
أخر يريد أن يخرج وأنا اسكن مكانه) في العقد. طلبوا مني أن أدفع شهرين مقدماً مع
شهر رسوم مكتب الإيجار الذي قالوا لي أنهم دفعوه. كان هناك غرفة أخرى, لكن مقفلة
لأن صاحبها في إجازه في الهند ولم يكن موجوداً حين وقعت العقد. لم أكن قادراً على
دفع هذا المبلغ الكبير, فطلبت منهم أن يشاركني صديقي في الغرفة. قالوا لي سنفكر
ونرجع إليك لاحقاً. في اليوم التالي كانت الصفقة أن ينتقل الأيراني و زوجته إلى
الغرفة التي أتيت من أجلها, وأنا وصديقي نسكن في الصالة, لأنه متزوج ويريد
الخصوصية في حياته. كعادتنا نحن السعوديون طيبوا القلب متعاطفون. وافقنا على هذه
الصفقة, لكن بشرط أن إذا قرر صديقي الخروج من المنزل تعود المياة إلى مجاريها
وأعود إلى الغرفة التي قدِمت من أجلها, ويرجع الأيراني إلى الصالة مجدداً, لأنه
كان يدفع 300 دولار بحصوله على الغرفة وانا ادفع 250 وصديقي نفس المبلغ من دون
الكهرباء..الخ. لم نكن ضمن برنامج الأبتعاث بعد وكنا نريد أن نوفر قدر المستطاع من
المال, لكن الأيراني كان يضن أننا بنوكاً متنقلة. كانت الحياة صعبة والبرد قارص
كنا ننام في الصالة من دون تدفأة, لأنها كانت تكلف الكثير, و الإيراني وزوجته
طلبوا منا أن لا نشغله أكثر من 3 ساعات في اليوم, وكنا إذا تركناه مشتغلاً يأتون
ونحن نيام ويطفئوه. كننا ننام وهم يمرون من خلال((صالتنا)) ويذهبون إلى المطبخ
وتكتمنا رائحة الطبخ وتزعجنا أصواتهم. أتى الساكن الاخر من الهند, كان محترماً جداً, تكلمت
معه حول البيت وحول هذا الإيراني وقذارته وعدم إحترامه لنا وكان يسرقنا وينكر ذلك,
حيث إنني كنت قد فقدت أشياء كثيرة في المنزل, وكان يُنكر أنه رأها, وكان هو من
سرقها وشاهدته بعد مده في محطة القطار يردتي معطفاً يخصني. تحدثت معه عن رسوم
السمسار أو مكتب التأجير فأخبرني أنهم لم يدفعوا أي ملبغ ولم يجداو هذه الشقة عن
طريق مكتب, إنما من خلال المالك مباشرة من دون أي وسيط. نعم سُرقنا من قبل
الأيراني والهندي الذي أخذت مكانه في العقد. تحدثت معه لكن قال لي لم "أأخذ
منك أي مبلغ إضافي", ونفس الكلام قاله الإيراني, وقال أيضاَ "كانت الصفقة
بينك وبينه لادخل لي فيكم", وهو من كان يأكد كل كلمة كان يقولها الهندي الذي
سكنت مكانة أو اخذت مكانة في العقد. القانون لا يحمي المغفلين وكنا مغفلين وقتها
ولا يوجد بين أيدينا أي دليل يُدين هؤلاء السارقين. قرر صديقي الإنتقال من المنزل, وبالفعل وقع
عقداً في غرفة مشتركة مع صديقيه وخرج. بقيت أنا في المنزل على إنني سوف أرجع إلى
غرفتي كما كان الإتفاق. رفض الأيراني رفضاً مطلقاً وقال لي" لن أخرج ولن أدفع
إيجار أعلى ويجب عليك أن تدفع عنك وعن صديقك". المؤمن لا يُلدغ من جحراً
مرتين وأنا مؤمن. رفضت وقلت له بكل ثقه كامله أنني سوف أذهب بها إلى المحكمة لو
تطلب الأمر ذلك, ولن أدفع دولاراً واحدا يزيد عن مايجب علي دفعه وهو 250 دولار
بالشهر. طال الحديث والنقاش الحاد بيننا, كان إنسان إنتهازي قذر لا ينتمي إلى
الرجولة أبداً. كان يريد أن يسرق الناس ويجعلهم يدفعون عنه. أتت مالكة الشقة وطلبت
منا أن نحل هذه المعضلة وإلا المحكمة بيننا ورحلت على الفور. قلت للإيراني أنني
إذا تأزمت الأمور سوف أذهب إلى بلدي في اليوم التالي, ولا شيء يربطني, اما أنت فحياتك
كلها هنا ولا تستطيع الرجوع إلى إيران بهذه البساطة. تكلم معي بلغتة التي لم أفهم
منها شي, ورددت عليه بلغتي للإحتياط إذا
كان يسبني أو يهينني بكلامه. إتفقنا أن نكسر العقد ووافقت المالكة, لكن بعد شهر من
وقتها ويجب علينا أن ندفع مخصص هذا الشهر من دون نقاش. بعد مساعدة قريبي المحامي
إتفقنا أن يُدفع المبلغ مقسماً بيننا. رفض الإيراني وكأنه سيد الموقف, بعد محاولات
في الكلام وافق قريبي أن يُقرضه من جيبه على أن يردها في وقتٍ لاحق, وكان يعلم أنه
لن يردها, لكن قريبي يحب أن يجرب نظرياته على البشر ليقيمهم. أمضيت هذا الشهر
المبتقى في منزل أصدقاء سعوديون كانوا قد أستقبلوني بعد أن أحسوا أنني غير مرتاح
في سكني مع هذا الشرذمه. بعدها طلبوا مني أن أنتقل للعيش معهم وهنا رحلتي الثانية
من ((الروميت))
شقة مكونه من غرفتين
كبيرتين وصالة ومطبخ وشرفة في الطابق التاسع. نقلت سريري أو فراشي من المنزل
السابق إلى منزل الأصدقاء الجدد في شهر مارس. كانت حياة أكثر راحه وامان لي, فأنا
بين أبناء وطني وهم معروفون جداً بكرمهم وسخائهم, لكن لم تكن لي خصوصية في هذا البيت.
لا املك غرفتة خاصه بي أجلس بها لوحدي إن اردت أو أن انهي واجباتي المدرسة بتركيز
تام. كنا نتشارك في كل شيء من أكل ومستلزمات حياتيه, لكن الخصوصية مطلب مهم في
حياتي. وهذا الدرس الثالث الذي تعلمته. المشاركة مع الناس ومحاولة التأقلم مع جميع
الظروف المحيطة بي مهمه كانت بالنسبة لي, وعدم الإستسلام. لم اطل المكوث في هذا
البيت ليس لأنني لم أطق العيش معهم أو مشاركتهم الحياة إنما لظروف عائلية تخصهم
طلبوا مني إيجاد منزل اخر أنتقل إليه لأن أهلهم سوف ياتون إلى المدينة قريباً ويجب
أن أرحل. كان الأمر سيان بالنسبه لي لأني وجدت منزلاً أخر, لكن لم أكن أعرف
الطريقة التي أقول لهم أنني سوف أرحل وسوف تدفعون الإيجار بالكامل كما كان في
السابق وبقينا أصدقاء حتى الأن. وهنا تنتهي رحلتي مع ((الروميت)) الثاني
إنتقلت إلى منزل
لايبعد عن منزلي القديم كثيراً مع صديق لي من دولة كولومبيا. كان ولازال من أفضل
الأصدقاء الذين رافقتهم برحلتي هذه. بيت مكون من طابقين و أربع غرف ودورة مياة
واحدة ومطبخ. أنا وصديقي في غرفه ويسكن بجابنا سيدتان أو ثلاثه أو اربع يزدادون
وينقصون ورجلان, وفي الدور العلوي شاب وصديقته, وفي الغرفة المقابلة لهم رجل غريب
الأطوار يضع صوراً للمغني ((بوب مارلي)) بكل مكان. كنا لا نستطيع النوم جيداً
للإزعاج القادم من الخارج. كانوا يحتفلون يومياً وكأنه عطلة نهاية الأسبوع. دورة
المياة لا تناسب البشر الطبيعين غالباً. واغلب الوقت مشغولة. حمداً لله أنني كنت
عضواً في نادي رياضي يقدم لنا خدمة الإستحمام فيه وكنت أقضي معظم وقتي إما في
المدرسة أو في النادي وإذا غلبني النوم ذهب إلى البيت. صديقتي الكولومبي حان وقت
سفره إلى ديارة لإنتهاء مدة دراسته. طلب مني أن اقرر أن أًكمل العقد لوحدي في هذا
البيت أم لا, لأنه يريد أن يرد على صاحبة المنزل بالخبر. كنت محتاراً, لأني لا أريد
العيش في هذا المنزل القذر. بعد أيام قليله بعد أن خرجت من النادي ذاهباً إلى
البيت قابلت صديق كنت قد ساعدته في إيجاد منزل له حين قدم إلى بوسطن للمرة الأولى.
ذكر لي أن له صديق من دولة الإمارات يريد الذهاب إلى بلده لمدة ثلاثة أشهر ويريد
أحداً موثوق به أن يسكن في شقته إلى وقت رجوعه و يدفع نصف الأيجار. وافقت على
الفور من دون تردد وذهبت معه لأرى الشقه. كانت جميلة ومريحة وقريبه من محطة
القطار. طلب مني أن أدفع 900 دولار شهرياً, فقلت له أن مكافأة الدولة لا تكفي لهذا
المبلغ فتفهم وضعي وقال لي إدفع 800 فوافقت رغم غلاء السعر, لأن الراحه لاتُقدر
بثمن. وتبدأ رحتي مع ((الرومميت)) الرابع
كان المبلغ كبير
بالنسبة لي, فسألت صديق لي كان يبحث عن
سكن ليشاركني, فوافق وإنتقل في اليوم التالي. كان يدفع لي الإيجار على أقساط مريحه
جداً 50 دولار بالأسبوع رغم أنني قلت له أريد المبلغ كامل دفعة واحدة لإداعه في
حساب الصديق الإماراتي, لكن لكل إنسان ظروف والله اعلم بالحال. لم يكمل معي
الرومميت, لانه حصل على قبول جامعي وقرر الرجوع إلى الديار حتى تبدأ دراسته في شهر
اغسطس في ولاية أخرى. كنت ابحث عن ساكن اخر يشاركني الشقة, لكن دون جدوى, حتى وجدت
رسالة كانت في صندوق البريد. كانت مكتوباً فيها أنهم لم يستلموا نصف الإيجار للشقه
ويجب علي أن أدفعها خلال أسبوعين. إتصلت على الصديق الإماراتي وأخبرته بما حصل, فقال
لي" دعني أرى الموضوع مع صديقي الذي من المفترض أننا نتشارك هذه الشقة"
بعدها بأيام قال لي يجب أن أخلي الشقه والبحث عن منزل أخر, لأن صديقة لا يجيب
مكالماته وطلب مني معروفاً ان أنقل كل ممتكاته إلى بيت صديقاً له في المدينة. كان
أمامي مدة أسبوع واحد فقط لإيجاد بيتاً أخر, أو سوف أرمى في قارعة الطريق وأشارك
المتشردين تشردهم, لكن تحدث مع صديقاً لي من كولومبياً وقلت له هل تريد العيش معي
بما إننا سوف ندرس في جامعة واحدة؟ فوافق على الفور وبدأت أبحث عن سكن مناسب قريب
من الجامعة. حمداً لله وجدت السكن المطلوب والمناسب سعراً وموقعاً. لا يبعد عن
الجامعة إلا بضع دقائق مشياً على الأقدام ويكلفني مع كل مصاريفيه الف دولار ويتبقى
لي 800 من المكافأة لأعيش بها بقية الشهر وهنا تبدأ مرحلتي الحاليه مع
((الرومميت))
شقة مكونه من طابقين
الطابق الأرضي يتكون من صالة كبيره و شرفه وحديقه مطله على الشارع العام, ومطبخ
كان أجمل مافيها لكبر حجمة, والطابق الثاني مكون من غرفتان ودورة مياة. غرفتي
الأكبر حجماً لأني الأكبر سناً وأنا من وجد الشقة, ولمعاناتي أيضاً. وضعنا دستوراً
للبيت, وكتبنا ماهو محرم وماهو مشروع فعله. في بادئ الأمر بنود الدستور كانت مطبقة
على أكمل وجه من نظافة وهدوء. كلن يغسل أطباقه بعد إستعمالها مباشرة, وهذا
ماعلمتني أمي. جدول أسبوعي في التنظيف والترتيب. لا ينام في البيت غرباء, أصدقاء
له كانوا أم لي, لكن مع الوقت القواعد تُنسى إذا لم تكن هالة القداسه فيها. من
ناحيتي كانوا أصدقائي يأتوني في أيام الأسبوع ولا أستطيع أن لا أستقبلهم كسعودي
يرفض أن لايقدم الضيافة, لكن لم أكسر قاعدة النظافة والترتيب او المسئولية. صديقي
بعد مرور خمسة أشهر على إنتقالنا, كان لا يشارك في تنظيف البيت أو ترتيبه كما افعل
أنا. كنت اطلب منه الذهاب معي لشراء مستلزمات يحتاجه البيت. فكان يتعذر في ضيق
الوقت وأنه مشغولاً بشيء ما. كنا نتجادل أحياناً. أريده أن يفي بوعده لي أننا
نتشارك هذا البيت بكل شيء, ويتوجب عليه أن يفعل كما افعل. فانا من نقل الأثاث إلى
المنزل وأنا من جلب خدمة الانترنت انا من فعل كل شيء وهو لم يفعل أي شيء. كان يقول
لي" أنا وضعت المال أيضاً" وكان ردي أنني وضعت المال والجهد, فالجهد
مطلوباً منك أيضاً. مرت الأيام وإزداد الجدال بيننا أنا اريد الكمال في البيت كما
كان بيت أهلي. وهو يريد العيش فقط, لكن بعد مدة بعد أن قلت له أنني سوف أغادر المنزل
لأنني لم اعد مرتاحاً به, عاد إلى رشده وبدأ يشارك في المنزل كما كان, لكن ليس على
أكمل وجه, لكن أفضل من لا شيء.
بعض الناس يظنون أن المبتعثين يعيشون في أفضل
حالاتهم وهم في الغربة وهذا غير صحيح, فنحن نذوق الأمرين. حياتنا صعبة والمعيشة
غاليه جداً والمكافأه لا تكفي, والمسؤوليه الملقاه على عاتقنا من أهلنا وحكومتنا
ومن أنفسنا كبيرة جداً. يجب أن ننجح في رحلتنا, وأن لايكون للفشل وجوداَ فيها. يجب
أن لا نستسلم لأول عقبه تقف في طريقنا. يجب أن لا تُشوه سمعتنا مِن من هم في
البلاد من يتهموننا بالفسق والفجور. منهم من يقول أن 80% من المبتعثين يتعاطون
المسكرات. والأخر يقول أن الإبتعاث شوه عقيدتنا. وبعضهم يطالب بإيقاف البرنامج
لعدم نجاحه. والبعض الأخر يقول أننا نعيش في رفاهيه وإجازة مدفوعة التكاليف, وهذا
كله يصب في تفكيك عزيمتنا وطموحنا. فقد إبتعدنا عن أهالينا وأحبابنا وأرضنا
الطاهرة لنطلب العلم الذي اوصانا به رسولنا الاكرم. نريد الدعم من مسئولينا, ومن
لهم كلمة مسموعة في مجتمعنا أن يقفوا بجانبنا وعدم التخلي عنا أمام هذا الهجوم من
بعض الدعاة أو الجاهلين عن أحوالنا.
مقبل حمود الصقار